--!> المقال السابع: إبليس الشيطان.. والجن
Slider

جديدنا:

  • تم افتتاح كلية العلوم الطبية في تخصصات الطب
    البديل والتكميلي وغيرها.. بجميع الدرجات العلمية (بكالوريوس – ماجستير –
    دكتوراه) وبنظام الدراسة عن بعد أو معادلة الخبرات – وبتصديق من التعليم العالي
    والخارجية والسفارات – للتفاصيل اضغط هنا
  • اعتماد الدورات من كليات عالمية وتوثيق من الخارجية والسفارات.
  • يمكننا تشخيص حالتك وعمل جلسات الرقية الشرعية عن بعد: اضغط هنا للمزيد…

المقال السابع: إبليس الشيطان.. والجن


المقال السابع: إبليس الشيطان.. والجن

من هو إبليس؟

هو ذلك الشيطان الذي رفض السجود لأبينا آدم عليه السلام، ثم أغواه وأمَّنا حواءَ ليأكلا من الشجرة التي نهاهما الله سبحانه وتعالى عنها.

ولقد قَرَّرَ كثيرٌ من العلماء المتقدمين والمتأخرين أن إبليس لعنه الله هو أبو الجن، ودليلهم على هذا الحكم ما رواه الطبراني قال حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَنِيفَةَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: ثَنَا عَمِّي قَالَ: ثَنَا أَبِي قَالَ: ثَنَا طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السَّلَمِيِّ، أَنَّهُ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ أَمْرٍ لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ: مَنْ أَبُونَا؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: (آدَمُ) قَالَ: مَنْ أُمُّنَا؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: (حَوَّاءُ) قَالَ: مَنْ أَبُو الْجِنِّ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: (إِبْلِيسُ) قَالَ: فَمَنْ أُمُّهُمْ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: (امْرَأَتُهُ)[1].

لكنَّ هذا الحديث لا يصح الاستدلال به لكونه ضعيفاً جداً إذ أن أحد رواته طلحة بن زيد، وهذا الرجل قال عنه الأئمة أحمد بن حنبل وابن المديني وأبو داود رحمهم الله أنه كان يضع الحديث، أي يختلق أحاديث من عنده ثم ينسبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولو رجعنا إلى كلام الحق سبحانه وتعالى الذي ليس فيه لبس لقرأنا قوله سبحانه وتعالى {وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه}  [الكهف: ٥٠]، فإنَّ ظاهر الآية يدل على أنه كان واحداً من الجن وليس أبوهم، والمفسرون لهذه الآية على ثلاث أقوال لا تزيد[2]:

1-   أنه كان من الجن كما هو ظاهر الآية.

2-   أنه كان من الملائكة من قبيلة تدعى الجن.

3-  أنه كان من الملائكة ممن يحرسون الجَنَّةَ فنُسِبَ إلى الجَنَّة.

ولو تأملنا الأحاديث الثابتة فإنَّ القول الأول هو الصحيح والذي هو أن إبليس واحد من الجن، لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وصف القرين بالجن تارة؛ وبالشيطان تارة أخرى. فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، إِلاَّ وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ قَالُوا: وَإِيَّاكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: وَإِيَّايَ، إِلاَّ أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَم، فَلاَ يَأْمُرُنِي إِلاَّ بِخَيْرٍ)[3]، وفي رواية أخرى عن عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلاً، قَالَتْ: فَغِرْتُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ: (مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ؟ أَغِرْتِ؟) فَقُلْتُ: وَمَا لِي لاَ يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ) قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوَ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ) قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ) قُلْتُ: وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَم)[4].

من هم الشياطين؟

بعد النَّظر في الأدلة فإنَّه من الممكن أن نخرُج بثلاثة أقوال:

الأول: إكمالاً للآية فإنَّ الله سبحانه وتعالى يقول {أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو} [الكهف: ٥٠]، ومدلول الآية أنَّ الشياطين هم أبناء إبليس وذريته، يؤيد ذلك إذا قلنا قبيله يعني نسله[5] في قوله عز وجل عن الشيطان {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم}  ا[لأعراف: ٢٧]، وأصبحت الشياطين بهذا القول نوعاً من جنس الجن. وهذا قول قطعي صحيح لصراحة آية سورة الكهف بذلك.

الثاني: وقد يُقال أن الشياطين هي كل من كفر من الجن حيث أنَّ الشيطان لغة من شَطَنَ أي بعد، والشيطان في كلام العرب يُطلق على (كل متمرِّد من الجن والإنس والدوابِّ وكل شيء)[6]. وأصبحت الشياطين بهذا القول وصفاً لبعض جنس الجن. وقد يمكن الاستدلال عليه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ)[7].

الثالث: القول الأول والثاني معاً.

الشاهد:

ما دام الشيطان بعضاً من الجن فإنَّه لا يجوز أنْ نُعمِّم على الجن ما خُصِّصَ للشيطان، فكل الآيات والأحاديث التي تحدثت عن الشيطان فهي خاصة به وبالشياطين ولا تعم الجن، فالاستعاذة خاصة بالشياطين، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ؛ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأْذِينَ)[8] فهذا يخصُّ الشياطين، وليس من اللازم أن يكون لبقية الجن نفس ردة الفعل عند سماع الأذان، وعندما نعلَمُ أن رسول الله r قال (إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ؛ فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ؛ قَالَ الشَّيْطَانُ: لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ؛ فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ؛ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ)[9] فإنَّ هذا الحديث يخص الشياطين ولا يصح تعميمه على بقية الجن، كذلك إن قرأنا قوله صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ)[10] فهذا كذلك ينطبق على الشياطين وليس من الشرط أن تنطبق هذه الكيفية على بقية الجن ولا يصح تعميمها عليهم، ومثل هذا كثير. ولمزيد من الشرح فإنني أضرب مثالاً في الفرق بين السِّباع وبين الحيوانات، فطائفة السِّباع من الحيوانات، لكن لها بعض الأحكام الفقهية الخاصة والتي لا يمكن تعميمها على بقية الحيوانات. والله تعالى أعلم.

والخلط بين الشيطان وبقية الجن سبَّبَ سوءَ فهمٍ لكثير من الأمراض الروحية، إذ ليس من الشرط أنَّ جميع الأمراض الروحية تدور علتها على الشياطين، بل قد تكون علتها قائمة على جن ليسوا بشياطين، والتفريق بين الجن والشياطين لازم لفهم المسألة والحالة.

ملحوظة:

جريان الشيطان في ابن آدم مجرى الدم يحتملُ أنْ يكون عاماًّ بكل الشياطين، وقَدْ يحتملُ أنْ يكونَ خاصاًّ بالقرين دون غيره من الشياطين الذين يعتدون ويدخلون داخل الجسد، وذلك لمِا رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الضعيف (لا تَلِجُوا عَلَى المُغِيبَاتِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ أَحَدِكُمْ مَجْرَى الدَّمِ، قُلْنَا: وَمِنْكَ؟ قَالَ: وَمِنِّي، وَلَكِنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَم)[11]، أما الحديث الصحيح عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً، فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ، فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ) فَقَالاَ: سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا سُوءًا)، أَوْ قَالَ: (شَيْئًا)[12]؛ فإنه قد يُستنتجُ منه نفس الشيء حيثُ من الصعوبة تصوُّر أن الصحابِيَيْنِ رضوان الله عليهما كانا ممسوسين في ذلك الوقت بشياطين أخرى غير القرين، وكذلك لا يمكن تصوُّر ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما بلا علاج من المس أو توجيه.

وقوله صلى الله عليه وسلم (مجرى الدم) قَد يُفهَمُ منه أن الشيطان يجري في مجرى الدم أي في عروق الدم وما يسمى الآن بالأوعية الدموية، وإلى ذلك ذهب العلماء، وقد يُفهم كذلك أن جريانه مثل جريان الدم، أي أنَّ له مجرىً آخر شبيه بالأوعية الدموية مثل شبكة الأعصاب أو شبكة مسارات الطاقة[13] أو غير ذلك مما نعلمه أو لا نعلمه، والله سبحانه وتعالى أعلم.



[1]- المعجم الأوسط للطبراني، باب الميم، من اسمه محمد.

[2]- تفسير الطبري للآية.

[3]- صحيح مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قريناً.

[4]- المرجع السابق.

[5]- أحد الأقوال كما جاء في تفسير الطبري.

[6]- تفسير الطبري، القول في تأويل الاستعاذة.

[7]-صحيح مسلم، باب قتل الحيات وغيرها.

[8]- صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب الأذان، باب فضل التأذين، والحديث بتمامه قال صلى الله عليه وسلم: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ؛ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ، حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لاَ يَدْرِي كَمْ صَلَّى).

[9]- صحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما.

[10]- صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، وفي رواية أخرى في صحيح البخاري (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ).

[11]- رواه الترمذي في سننه  (أبواب الرضاع) قال حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، وقال هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ فِي مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ، وسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ خَشْرَمٍ يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (وَلَكِنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمُ)، يَعْنِي: أَسْلَمُ أَنَا مِنْهُ، قَالَ سُفْيَانُ: وَالشَّيْطَانُ لاَ يُسْلِمُ، (وَلا تَلِجُوا عَلَى المُغِيبَاتِ) وَالمُغِيبَةُ: المَرْأَةُ الَّتِي يَكُونُ زَوْجُهَا غَائِبًا، وَالمُغِيبَاتُ: جَمَاعَةُ المُغِيبَةِ.

[12]- صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده.

[13]- مسارات الطاقة جزء من الطب الصيني أو الشرق آسيوي، وهو أساس في العلاج بالحجامة والإبر الصينية.

آخر فعاليات الأكاديمية:

Open chat تواصل معنا
مرحبا.. كيف يمكننا خدمتك؟
Hi.. Can we help you?